تتخد “معركة الغاز” التي تغذي التوتر في غرب البحر الأبيض المتوسط منحى جديدا بعد عزم المغرب تشييد عمل قد يكلفه ما يقرب من نصف ناتجه المحلي الإجمالي، لكن بالمقابل سيضمن له استقلاله في مجال الطاقة.

ونقلت صحيفة “إلكونفيدنشال” الإسبانية أن المعركة انتقلت على بعد 7000 كيلومتر جنوبا من غرب البحر المتوسط، وبالضبط إلى نجيريا، التي دخلت في اتفاق مع المغرب.

والأربعاء، أعلنت  شركة WorleyParsons الأسترالية أنها وقعت عقدا مع البلدين لإجراء الدراسات الفنية الأولية لخط أنابيب الغاز الذي سيربط بينهما  عن طريق البحر.

وينتظر أن يعبر الأنبوب المياه الإقليمية لـ 13 بلدا، 11 منها من غرب أفريقيا، ومن المتوقع أن تمتد إلى أوروبا عبر إسبانيا.

وتشير الصحيفة إلى أن المشروع رغم أنه نوقش في 2016 خلال زيارة قام بها الملك المغربي، محمد السادس إلى أبوجا، إلا أن تسريع المشروع الآن يعود إلى التوتر الحالي مع الجزائر ووقف العمل بالأنبوب المغاربي.

ومع خط الأنابيب القادم من نيجيريا، لن يوفر المغرب التكاليف فحسب، فالغاز التقليدي أرخص بكثير من الغاز الطبيعي المسال، لكنه سيقلل بشكل كبير من اعتماده على كل من الجزائر وإسبانيا ويعزز مكانته كقوة جيوسياسية في المنطقة. بحسب الصحيفة.

وسيكلف المشروع ميزانية تتراوح بين 23 ألف و47 ألف مليون يورو، ومقترح في البداية لربط نيجيريا والمغرب، إلا أن الشركة الأسترالية ذكرت أنها تسعى إلى اقتراحه على البلدان الواقعة على طول الطريق لتصدير غازها إلى البلدان المجاورة وأوروبا.

وتدير المشروع الضخم المؤسسة الوطنية النيجيرية للبترول والمكتب الوطني للمحروقات والمناجم في المغرب، وإذا اكتمل، سيصبح ثاني أطول خط أنابيب للغاز في العالم (7000 كيلومتر)، بعد خط الأنابيب الذي يربط آسيا الوسطى بشرق الصين (8700 كيلومتر)، وأكبر خط أنابيب يمر تحت سطح البحر.

وتأتي الخطوة المغربية في ظل وقف الجزائر في أكتوبر الماضي العمل بالأنبوب المغاربي المار عبر المملكة.

وكان المغرب يجبي رسوم مرور الغاز الجزائري في شكل كميات من الغاز بأسعار تفضيلية، توفر للمملكة 97% من احتياجاتها من هذه المادة الحيوية.

ويسعى المغرب إلى استغلال الأنبوب بشكل عكسي واستخدامه في التزود بالغاز من السوق الدولية مرورا بإسبانيا التي وافقت على مساعدته في ذلك.

ومارس الماضي، قالت وزارة التحوّل البيئي الإسبانية في بيان إن “المغرب طلب دعما لضمان أمنه في مجال الطاقة على أساس علاقاتنا التجارية، وإسبانيا ردّت إيجابا كما كانت ستفعل مع أيّ شريك أو جار”.

وأضافت “سيكون بمقدور المغرب الحصول على الغاز الطبيعي المسال من الأسواق الدولية، وإيصاله إلى مصنع لإعادة التحويل في شبه الجزيرة الإسبانية، واستخدام خط أنابيب الغاز المغاربي  (جي أم إي) لنقله إلى أراضيه”، من دون إعطاء أي تفاصيل بشأن الجدول الزمني لهذا الاتفاق أو كميات الغاز التي ستنقل عبر هذا الخط.

والأربعاء، أعلمت وزارة الطاقة الإسبانية وزير الطاقة الجزائري، محمد عرقاب، بقرار مدريد القاضي بالترخيص بالتدفق العكسي للغاز عبر أنبوب الغاز المغاربي الأوروبي والشروع في العملية يكون بداية من اليوم أو الغد”.

وخشية تزويد إسبانيا المغرب بالغاز الجزائري، حذرت وزارة الطاقة والمناجم الجزائرية نظيرتها الإسبانية أن ” كل تزويد بالغاز الطبيعي الجزائري الموجه لإسبانيا لأي وجهة غير منصوص عليها في العقد يعتبر إخلالا بأحد بنوده، مما قد يؤدي إلى إلغاء العقد الذي يربط شركة سونطراك الجزائرية بزبائنها الإسبان”.

يذكر أنه في أكتوبر الماضي، أمر الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون،  بعدم تجديد العمل بالأنبوب المغاربي المار بالمغرب إلى إسبانيا، بسبب ما وصفه بـ” الممارسات ذات الطابع العدواني من المملكة المغربية” بعد شهر من قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.