في وقت تعد زيارة رئيس الأركان الإسرائيلي، الجنرال أفيف كوخافي، إلى العاصمة المغربية الرباط، الاثنين، الأولى التي تجرى بصورة رسمية وتعلن على الملأ، فإن القليل فقط يعرف عن فحواها.
وقد رفضت الرقابة العسكرية الإسرائيلية الكشف عنها في بداية الأمر لاسباب قالت إنها أمنية، بينما اكتفى الناطق العسكري بالإشارة إلى كونها زيارة ” تضاف إلى اللقاءات ومجالات التعاون التي تحققت في الفترة الأخيرة، في إطار تعزيز التعاون العسكري والأمني بين إسرائيل والمغرب”.
وسيرافق رئيس الأركان خلال الزيارة، كل من رئيس لواء العلاقات الخارجية البريجادير جنرال افي فرين، ورئيس لواء البحوث في هيئة الاستخبارات العسكرية البريجادير جنرال عميت ساعار.
تفاعل واتفاقيات
وتشهد العلاقات الأمنية الإسرائيلية المغربية تفاعلا علنيا منذ حوالي عام، حين وقع وزير الدفاع الإسرائيلي بني غانتس في شهر نوفمبر العام الماضي اتفاقيات أمنية في الرباط مع الوزير المنتدب المكلف بإدارة الدفاع المغربي، عبد اللطيف لوديي، يرسم التعاون الأمني بين البلدين “بمختلف أشكاله” في مواجهة “التهديدات والتحديات التي تعرفها المنطقة”.
ويتيح الاتفاق للمغرب اقتناء معدات أمنية إسرائيلية عالية التكنولوجيا بسهولة، إضافة إلى التعاون في التخطيط العملياتي والبحث والتطوير.
ووصف غانتس الاتفاق بأنه “أمر مهم جداً، سيمكننا من تبادل الآراء وإطلاق مشاريع مشتركة وتحفيز الصادرات الإسرائيلية” إلى المغرب.
وخلال يونيو الماضي، زارت لجنة عسكرية مشتركة إلى إسرائيل، حيث تم الاتفاق على خطة العمل لعامي 2022 و2023
وبالتوازي قام وفد إسرائيلي بزيارة المغرب للمشاركة في مناورات “الأسد الافريقي” وهي تدريبات بالذخيرة الحية وتدريبات بحرية وجوية، وتدريب التعرض لاسلحة كيماوية وبيولوجية وإشعاعية ونووية وغيرها من تدريبات “المساعدة الإنسانية المدنية”، وفقًا لأفريكوم – القيادة الأميريكية في أفريقيا.
وأرسلت إسرائيل ضابطين في الجيش الإسرائيلي، ورئيس قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بوزارة الدفاع في مكتب السياسة والعسكريين السياسيين، الذي يعمل أيضًا كملحق دفاع في المغرب.
وقالت الوزارة في بيان إن “مشاركة إسرائيل في التدريبات خطوة إضافية في تعزيز العلاقات الأمنية بين وزارتي دفاع البلدين والجيشين”.
وفي مارس الماضي قام كل من رئيس هيئة الاستراتيجية والدائرة الثالثة الميجر جنرال تال كالمان وقائد لواء العلاقات الخارجية العميد أفي دافرين وقائد لواء التفعيل في هيئة الاستخبارات الكولونيل “ج” بزيارة عمل الى المغرب.
ويعد قسم الاستراتيجية والدائرة الثالثة جزءا من هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي، وتم تأسيسه عام 2020. واجتمع الضباط الاسرائيليون مع الجنرال دوكور دارمي بلخير الفاروق المفتش العام للقوات المسلحة الملكية المغربية وقادة الأركان العامة بما فيهم رئيس هيئة الاستخبارات ورئيس هيئة العمليات.
وفيما يبدو تعاونا عميقا استعرض الطرفان هيكلية قوات الأمن والتحديات التي تواجهها، حسبما أكد مصدر أمني للحرة، بالإضافة إلى المجالات التي اكتسب فيها الجيش الإسرائيلي قدرات خاصة، ولا سيما في مجال الاستخبارات العسكرية.
وقد تم “بحث فرص التعاون العسكري في مجالات التدريب والتأهيل، بالإضافة إلى المجالات العملياتية والاستخباريتية”. وفي ختام الزيارة وقع الطرفان على مذكرة تفاهم لتعاون عسكري، واتفقا على عقد لجنة عسكرية مشتركة للتجهيز لخطة عمل مشتركة، كما تم بحث فرص المشاركة في تدريبات دولية مشتركة.
وعند تقلده منصبه قبل حوالي عامين، انيطت بالميجر جنرال كالمان مهمة الإعداد لمواجهة مع إيران والتحضير لتحديات الساعة التي قد تتعرض لها إسرائيل من الدول البعيدة عن حدودها البرية.
ردود الأفعال
من جهة أخرى، تنظر الجزائر بارتياب للتقارب المغربي الإسرائيلي، وتعتبر أن الاتفاقيات الموقعة بينهما تستهدف “أمنها وسيادتها”.
ويرى مراقبون أن هذا الارتياب قد يدفع الجزائر إلى التقارب أكثر مع إيران، التي تعلن العداء علنا لإسرائيل ولا علاقات دبلوماسية لها مع الرباط، وكانت الأخيرة قطعت علاقاتها مع طهران بسبب اشرافها على تدريبات عسكرية لجبهة “البوليساريو”، عبر عناصر من حزب الله الموالي لها في لبنان، حسبما ذكر وزري الخارجية المغربي ناصر بوريطة مطلع العام الجاري.
اجتماعات إسرائيلية-أميركية
وكان قائد القيادة المركزية الأميركية، الجنرال مايكل كوريلا، أجرى اجتماعات في إسرائيل قبل توجه كوخافي إلى الرباط.
وركزت زيارة كوريلا إلى تل أبيب على “تعزيز قضايا عملياتية وذلك بغية مناقشة التهديدات الأمنية في منطقة الشرق الأوسط والخليج وضرورة الحفاظ على الاستقرار الإقليمي وحماية المستقبل المشترك للدول”، حسبما جاء في بيان للجيش الاسرائيلي.
وأجريت حلقة نقاش مهنية لتلخيص المنتدى الاستراتيجي العملياتي، الذي انعقد الشهر الماضي، بين كبار ضباط الجيش الاسرائيلي وكبار قادة القيادة المركزية والهيئات المشتركة الأميركية. كما زار الجنرال الأميركي وحدات للدفاعات الجوية وتم استعراض أنشطة الدفاع الجوي المتعددة الأبعاد والطبقات.
وبحث كوريلا مع وزير الدفاع الإسرائيلي، بني غانتس، العلاقات الخاصة بين الأنظمة الدفاعية لإسرائيل والولايات المتحدة، والتي نوقشت خلال زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى إسرائيل مع التركيز على ما وصف بالعدوان الإيراني، وضرورة تعميق الأنشطة مع جميع الشركاء في الشرق الأوسط.
وقال قائد سنتكوم في ختام زيارته لإسرائيل “خلال زيارتي إلى تل أبيب والقدس التقيت مع قادة جيش الدفاع لمناقشة أهمية إنشاء منظومة متكاملة للدفاع الجوي في مواجهة الصواريخ، وذلك إلى جانب ضرورة وأهمية التعاون الأمني الإقليمي المهم.
أما كوخافي فأوضح أن “المصالح المشتركة للولايات المتحدة وإسرائيل ومواصلة التعامل مع التحديات الأمنية في الشرق الأوسط تمثل جزءًا أساسيًا من التعاون الوثيق بين جيش الولايات المتحدة وجيش الدفاع الإسرائيلي. في إطار التعاون نحن نقوم بإنشاء خطة دفاع حديثة يتوقع أن تعطي استجابة عملياتية واسعة ودقيقة للتهديدات المختلفة في المنطقة. في الوقت نفسه، نقوم بتدريب وتطوير قدرات هجومية لمواجهة التهديدات المتطورة. أشكر الجنرال كوريلا على زيارته الثانية في فترة وجيزة، وذلك من منطلق فهم التهديدات والتحديات في المنطقة. الجنرال كوريلا صديق لجيش الدفاع، ومعًا بالتعاون مع سانتكوم والجيش الأميركي، سنواصل تعاوننا الإقليمي والعملياتي والاستخباراتي”.